الحشاشين سر الطائفة التي أرعبت العالم!! و شيخهم حسن الصباح.

الحشاشين الطائفة التي أرعبت العالم وشيخهم حسن الصباح

الفرقة الأكثر دموية في التاريخ طائفة أرعبت العالم على مدى قرنين من الزمن واتخذوا من الموت طريقا للخلود فغيروا مجرى التاريخ باغتيال أهم الشخصيات، تخفوا في دهاليز الجبال الشاهقة وتحصنوا في قلعة الموت الغامضة التي تناطح السحاب وتختفي عن الأنظار تحت قيادة أخبث شيعي عرفه التاريخ ذو ذكاء خارق وفكر شيطاني يتربص بالإسلام وأهله، فكان تلميذ إبليس النجيب في حرب المسلمين.
فمن هؤلاء القتلة وكيف غيروا مجرى التاريخ!
وهل حقاً ارتعد منهم حكام المسلمين كما زعموا؟
حسنًا دعونا نستكشف ماذا فعلا بهم محرر القدس وكيف كانت نهايتهم.

الحشاشين طائفة الموت والغموض

في عام485 هجرية في بلاد فارس كان الوزير نظام الملك في رحلته من نهاوند إلى بغداد وأثناء توقفه في إحدى القرى الهادئة خرج من هودجه نحو خيمة زوجته ولكنه لم يكن يدرك أن الموت يتربص به، فظهر أمامه صبي فارسي يرتدي زي الصوفية ومعه خصلة شعر وعرض أن يقبل منه خصلة الشعر فمد نضام الملك يده ليلتقطها لكنه لم يكن يعلم أنها ستكون آخر شيء يمسه وفي لحظة غفلة وقبل أن يفكر طعنه الصبي بسكين في قلبه ثم فر الصبي هارباً لكنه تعثر بحبل الخيمة فألقي القبض عليه وتم إعدامه على الفور أما الوزير نظام الملك فحمل إلى خيمته وما لبث قليل حتى مات.
انتشر الخبر بين العوام كما تنتشر النار في الهشيم ومن هنا انتشر وجود جماعة منفذة للإغتيلات ولكن سرعان ما اختفى الخبر عنهم من جديد، وبعد عشرة أعوام من اغتيال نظام الملك شهدت بلاد الشام ضربةً أخرى لكن هذه المرة كانت أكثر تطوراً فلم تقتصر على فرد واحد بل على ثلاثة أفراد مع الاحتفاظ بنفس الأسلوب، كان حاكم حمص الأمير جناح الدولة متوجهاً من القلعة إلى الجامع ليصلي صلاة الجمعة وكان برفقته عساكر مسلحون لتأمينه وبعد فروغ جناح الدولة من الصلاة تقدم إليه ثلاثة نفر من العجم من بينهم شيخ وكانوا في زي الزهاد فراحوا يدعون له ويحدثونه في بعض المسائل فوعدهم بتلبية طلباتهم لكن وفي لمح البصر اقتربوا منه كفاية وانقضوا عليه بخناجرهم فقتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه.
من هنا عادت تلك الجماعة والتي عرفت بالحشاشين للأذهان مرة أخرى لكن كانت أكثر قوة وخطراً من ذي قبل واتضح أنها حركة شيعية منفذة لعمليات الاغتيال تحت عبأت الدين قائدهم الحسن بن الصباح القاطن في قلعة ألموت الذي أعلن لأتباعه أنه يمتلك مفاتيح الجنة

من هم الحشاشون ومن هو قائدهم المزعوم الذي وصف بالشيطان اللعين.

ولد الحسن الصباح في مدينة قم الإيرانية عام 428 للهجرة والتي كانت مركزاً للشيعة الاثني عشرية ثم انتقلت عائلته إلى مدينة الري مركز نشاط الطائفة الإسماعيلية الفاطمية فأنتهج طريقتها وعمره 17 عاماً، حيث كانت تدعو إلى التطرف والمغالاة وتأويل القرآن بشكل مبتذل وذلك لأغراض سياسية وعنصرية.
وبعد مدة من العمل على نشر المذهب الشيعي وإفساد عقول الآخرين، خرج ابن الصباح إلى مدينة أصفهان وأقام فيها عامان ليكمل دعوته الفاسدة ثم خرج منها إلى مصر عام 471 للهجرة وهناك سرعان ما شمله الخليفة الفاطمي المستنصر بالله برضاه وأغدق عليه وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته فقال له الصباح فمن هو الإمام بعدك فأشار إلى ابنه نزار ومنذ تلك اللحظة دان ابن الصباح بالولاء لنزار ابن المستنصر حتى جاء الحدث الأعظم الذي تفرعت منه كل الأحداث التالية وهو وفاة المستنصر بالله فأنقسم الإسماعيلين إلى جماعتين متنافستين هم النزارية والمستعلية ونجح الوزير الفاطمي القوي بدر الدين الجمالي صاحب السلطة المطلقة والفعلية حين ذاك في تنصيب الابن الأصغر للمستنصر ولقبه بالمستعلي بالله حارمً بذلك نزار الابن الأكبر وولي العهد من حقه الشرعي في ولاية أبية ومنذ ذلك الوقت أخذ ابن الصباح يدعو لنزار أكبر أولاد المستنصر فبدأ ابن الصباح بالدعوة لإمامة نزار وتوجهت دعوته إلى يزد وكرمان وطبرستان ودامغان وولايات أخرى من إيران فتمرس في الدعوة واكتسب أنصارا كثّر ومن الملاحظ اختياره مدن شيعية معادية لأهل السنة أو قابلةً لانتشار المذهب الشيعي فيها فكلما كان أهل المنطقة معادين لحكام السنة كان الأمر أيسر بالتلاعب بعقولهم وتجديدهم واستمر على ذلك لمدة ثلاث سنوات حتى أصبح خطرا داهماً على وجود السلاجقة في فارس فصدر قرار باعتقال حسن الصباح وأتباعه وتقفي أثرهم هنا خطرت له فكرة ستغير مجرى التاريخ إذ فكر الصباح في الحصول على حصن منيع يحميه وأنصاره ويكون مركزاً لوضع الخطط الخبيثة تمهيداً لعملية القتل فاتجهت عينه شمال حيث هضبة الديلم وقد كان لاختياره هذا لسببان الأول أن أن غالبية سكان الديلم شيعة فهم أكثر الناس استعداداً لاعتناق الإسماعيلية النزارية علاوةً على كراهيتهم الشديدة لأهل السنة وحكامهم.

والثاني تمثل في استراتيجية السيطرة على أكبر عدد من القلاع الحصينة في المنطقة الجغرافية المحيطة بالعراق مركز الخلافة الإسلامية السنية فمن هذه القلاع ما أخذوه بالحيلة والخداع بواسطة دعاتهم ومنها ما أخذوه بقوة سلاح ميليشياتهم بعد ارتكاب مجازر وتصفيات دموية ضد كل من عارضهم، هنا وجد الحسن بن الصباح ضالته في حصن منيع يحميه من مطاردات السلاجقة ويستطيع تحويله إلى قاعدة مستقرة وآمنة لنشر المذهب الشيعي الدموي تمثل ذلك الموقع في قلعة ألموت المنيعة التي تقع في منطقة وعره وسط الجبال وارتفاعها يزيد عن ستة آلاف متر بنيت القلعة بطريقة شديدة الإحكام فليس لها إلا طريق واحد للوصول إليها ويصعب على الغزاة اقتحام هذه الطريق الوعرة لكن لم يُعرف بدقة من بناء تلك القلعة إلا أنه يقال إنها بنيت بواسطة أحد ملوك الديلم القدماء وأطلق عليها اسم الوه أموت ومعناه عش النسر.

قرر ابن الصباح بعد دراسة متأنية للاستيلاء عليها وكانت مملوكة لشرف شاة الجعفري فاستخدم ابن الصباح أسلوبه الخبيث لجذب المزيد من الأنصار والتأثير في صاحب القلعة واستمالة أهلها بفضل قدرته على الإقناع وإظهاره للزهد والتقوى ففي يوم دخل ابن الصباح إلى القلعة وأعطى للعلوي ثمنها وطلب منه الخروج لكنه رفض حينها أمر ابن الصباح رجاله بإخراجه بالقوة ومن هنا عرف الحسن بن الصباح بشيخ الجبل وبذلك أصبحت قلعة ألموت معقلاً تاريخياً للحشاشين ومن هنا ستدار الخطط حول الشخصية التالية في قائمة الاغتيالات وهنا نستعرض أسطورة غريبة ارتبطت بالقلعة وتناقلتها الأجيال فيقال إن القلعة بها حدائق وجداول من لبن وعسل وحسنوات هنا أجمل ما يكون أعدها الصباح ليوهم أتباعه أنها الجنة وأن مفتاحها معه وذلك باستخدام حيلةً ذكيةً لجعلهم يصدقونه فكان يخدرهم عن طريق شراب من الحشيش ثم يأمر بإدخالهم إلى الجنة فيمكثون بها عدة أيام قبل أن يأمر الصباح بتخديرهم من جديد وإخراجهم منها ثم يكون شرط العودة إليها هو تنفيذ عمليات الاغتيال وذلك في حال نجاح العملية أما إذا ما فشرت وقتل فتحمله الملائكة إلى جنة ألموت وهذا معتقداً فاسدا قائما ًعلى الكفر والإلحاد لكن المفاجأة أن أغلب الكتابات دحضت ذلك الرأي وذلك بسبب شدة برودة المنطقة وتساقط الجليد طوال نصف العام، فالرأي الراجح عند أغلب المؤرخين أن ابن الصباح نصب نفسه نائبا للإمام المعصوم نزار ولا يمكن لأحد أن يعرف الدين إلا من الإمام المعصوم أو نائبه فقدسه الحشاشون ودانوا له بالطاعة العمياء، اختلفت الآراء حول سبب تلقيب الفرقة بالحشاشين فقيل لأنها كانت تختفي وسط الحشائش لاغتيال معارضيها وقيل لشربها الحشيش قبل عملية الاغتيال حتى لا تتراجع عنها وسط تأثير هذه المادة المخدرة، واشتهرت تلك الفرقة بالدموية الشديدة والجرأة فقد ارتكبوا المذابح تحت ستار الدين وعرفوا بمهارتهم الغير متوقعة في الإجهاز والقتل، جاء في تقرير الإمبراطور الألماني فريدريك بربروسا سنة 580 للهجرة الوصف التالي.

لهم سيد يلقي أشد الرعب في قلوب كل الأمراء العرب القريبون والبعيدين على السواء وكذلك يخشاه كل الحكام المسيحيين المجاورين له لأن من عادتهم أن يقتلوهم بطريقة تثير الدهشة، كان يتم تدريب الحشاش على وسائل الهجوم واستخدام الخناجر والقدرة على التخفي وتقمص الشخصيات بعد مرحلة تكوينهم وأعداد شخصيتهم الإرهابية.

كانت هذه الخطة تهدف إلى اغتيال شخصية ما في مكان عام وبمراء من الناس لإثارة الرعب فيهم مثل جامع في يوم الجمعة كعملية اغتيال جناح الدولة أو موكباً عظيماً وسط الحرس والجنود مثل اغتيال نظام الملك وعلى مقربة من الهدف كان يتخفون تارة في ملابس النساء وتارة في ملابس الجنود لكن في الأغلب كان يتخفون بزي متصوفة أو دراويش حتى لا يتوقع منهم الحرس أي شر أو أذية ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن القاتل كان يواظب على حضور دروس عالم الدين إذا استهدفه كضحية فيظهر نبوغ وحب في التعلم ويتبعه حتى ينال ثقته ثم يجهز عليه وكانت الشخصيات المستهدفة تتربع على قمة المجتمع السياسي والعسكري والعلمي فقد تمكن الحشاشون من اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله ومن بعده الخليفة الراشد كما اغتالوا الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله الذي دخل في صراعً عقديً وحرب إعلامية ضد الحشاشين وألف كتاب بعنوان الهداية الأمرية في إبطال الدعوة النزارية فهاجم الحشاشين ودافع عن إمامة أبيه المستعلي فما كان من الحشاشين إلا أن قرروا اغتياله فتربصوا له حين دخوله لجزيرة الروضة وأجهزوا عليه ولم يكن هو الأخير فقد تعددت قائمة الاغتيالات والتي كان من بينها ملك بيت المقدس الثالث عشر كونراد أفموان تفري.

هلاك ابن الصباح

هلك ابن الصباح عام 518 للهجرة في قلعة ألموت وخلفه كيا بزرك اميد ثاني حكام الإسماعيلية النزارية في قلعة ألموت في قيادة الطائفة والذي دعاء أتباعه إلى مواصلة الدعوة حتى ظهور الإمام المستتر وفقاً لمعتقدات الإسماعيلية.
وهناك شخصيات نجحت في صد هجمات الحشاشين وكسر شوكتهم وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي الحاكم السني وكان ذلك في عهد رئيس الحشاشين راشد الدين سنان حفيد ابن الصباح فشخصيته لم تكن تقل خطورة عن آبائه وأجداده حيث ذكر الذهبي أن سنان حاول اغتيال صلاح الدين مرتين فكانت الأولى عام 570 أثناء حصار صلاح الدين لحلب بإيعاز من وزراء الصالح بن نور الدين الزنكي فاستعان الوزراء بالحشاشين مقابل وعود ومكافآت عدة فنجح الحشاشون في التسلل إلى خيمة صلاح الدين، لكن تعرف عليهم ناصح الدين أمير أبي قبيس ودخل معهم حينها في قتال وقتل على أيديهم ونشب عراك بينهم وبين صلاح الدين وجنوده ولم يصب صلاح الدين بأي أذى، أما المحاولة الثانية لاغتيال صلاح الدين كانت أثناء حصاره لمدينة عزاز عام 571 حينها تخفى الحشاشون في زي جنود صلاح الدين فتربصوا له وضربوه على رأسه لكن بفضل الله ثم خوذته الشهيرة لم يصب إلا بجروح طفيفة ودخل معهم في قتال عنيف هو وحراسه فقتل صلاح الدين وجنوده كل الحشاشين وبعد هذه الحادثة عزم صلاح الدين على سحقهم وإبادتهم قبل أن يستفحل شر الحشاشين مجدداً فهاجم صلاح الدين قلعة مسياف معقلهم الرئيس فدكها وحاصرهم حصاراً شديداً، ثم طلب سنان شيخ الجبل من حاكم حماه وخال صلاح الدين الغفران والتفاوض وبالفعل انتهت المفاوضات بهدنة بين صلاح الدين وسنان ولا شك أن صلاح الدين كان موفقاً في هذا الإجراء فكان يسعى لتحييد الشيعة للتفرغ للخطر الصليبي.
ظلت فرقة الحشاشين في طليعة الحركة الإسماعيلية في ارتكاب المجازر والانتقام من خصومهم حتى جاء هولاكو فحاصر قلعة ألموت عام 2256 للميلاد واستمر حصارها ثمانية أشهر انتهى باستسلام ركن الدين خورشاه زعيم الحشاشين واشترط هولاكو تسليم جميع قلاع الحشاشين وقتل جميع من تجاوز عمره العاشرة وبيع الباقين في أسواق الرقيق محطمً موقعهم في الشرق لكن بعد هذه المأساة حاولوا النهوض مجدداً متطلعين لاستعادة نفوذهم من خلال كسب ثقة ركن الدين بيبرس حاكم مصر والشام والتعاون معاً لكنهم واجهوا قراراً قاطعاً من السلطان بيبرس الذين لم يسمح ببقاء طائفةً مستقلةً في قلب الشام فأمر بتحصيل الضرائب والرسوم منهم فلم تكن لهم القدرة على الاعتراض على هذا القرار ومع مرور الوقت أصبح الظاهر بيبرس هو الذي يعين قادة الحشاشين بعد سقوط الموت حيث تحول رئيس الحشاشين إلى مجرد ممثل للسلطان بيبرس وبهذا الشكل وصلت الحركة إلى نهايتها الكاملة إلى أن انتهاء وجود تلك الحركة تماماً فرحم الله نظام الملك ورحم الله صلاح الدين ورحم الله ركن الدين بيبرس وكل من جابه تلك الطائفة الحقيرة.

تعليقات